للحصول على مساعدة:

جمعية إفشار 1700500888
جمعية هديرخ 0545269336
مركز وزارة الرفاه 118

المراهنات ودور الأسرة


يجب فحص دور الأسرة من خلال ثلاث زوايا رئيسية: وضع حدود، الشعور بالذنب والتقليل المتبادل من خطورة المشكلة.

ما هي مشكلة القمار؟

ما هو الرهان؟ الرهان هو مخاطرة بالمال أو أي شيء له قيمة على نتائج حدث قد يشهد مصادفات وليس من الواضح ما ستؤول إليه تلك النتائج، مثل رمي النرد، لعب الورق وغير ذلك. لا تكمن مشكلة القمار فقط في خسارة المال، بل يمكن أن تؤثر على حياة الشخص بأكملها وحتى على بيئته القريبة. إدمان القمار يضر بالعمل والوظائف الأخرى مثل الدراسة، الأبوة، الصحة النفسية والجسدية وبالطبع يضر بالأسرة بأكملها. ومشكلة القمار موجودة في جميع طبقات المجتمع وفي جميع الأعمار ولكن الشباب قد يتضررون أكثر بسببها.
تم تعريف سلوك المقامرة مؤخرًا على أنه "إدمان خفي" لسببين رئيسيين: أحدهما هو أن هذا السلوك ليس له علامات جسدية مرئية، مما يسهل إخفاءه. السبب الثاني هو أن المراهقين وأولياء أمورهم لا ينظرون إلى هذا السلوك على أنه سلوك قد يؤدي إلى الإدمان.

لماذا يعاني بعض الناس أكثر من غيرهم من الإدمان على المراهنات؟


 الفرص للإقدام على المراهنات منتشرة في كل مكان. المراهنات تحظى بشعبية كبيرة وتبدو وكأنها شيء عادي. معظم الناس غير مدركين للمخاطر التي تنطوي عليها القمار أو ألعاب الحظ، ولا يعرفون المؤشرات عليها حتى بعد ظهورها. نتيجة لذلك، تتطور لدى العديد من الأشخاص مشاكل تتعلق بالمقامرة دون أن يكونوا على دراية بما يحدث. وفي حين أن معظم الناس يقامرون دون عواقب أو أضرار كبيرة ، يتطور لدى آخرين إدمان لأنهم  يأملون في بعض الأمور من بينها:

  • كسب أموال طائلة
  • محاولة تعويض الخسارة
  • يأملون أن يشعروا بالحماس للمخاطرة
  • أن يتصرفوا باندفاع وبدون تفكير
  • أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم
  • أن يهربوا من الشعور بالوحدة أو الاكتئاب والقلق
  • الهروب من مشاكل الحياة

 ما هو دور العائلة بالإدمان؟

يجب فحص دور الأسرة من خلال ثلاث زوايا رئيسية: وضع حدود، الشعور بالذنب والتقليل المتبادل من خطورة المشكلة

الحدود :
أن تكون والدًا (أم/ أب) يعني التعامل باستمرار مع العديد من المعضلات العملية، والتي غالبًا ما  تحتوي على تناقض داخلي. قد يكتسب التركيز في السنوات الأخيرة على موضوع طاعة الوالدين من قبل الأولاد داخل الأسرة أهمية كبيرة، نظرًا لعمليات التفكك الاجتماعي في العصر الحديث. على عكس الماضي، حيث لم تكن سلطة الوالدين موضع شك، كثيرا ما يقف الآباء اليوم عاجزين أمام أولادهم ويجدون صعوبة في ممارسة سلطتهم عليهم. لدى جميع العائلات التي وصلت للعلاج، كانت مسألة الحدود مركزية وجوهرية. وأبلغ الوالدان عن "صمت مصطنع" من الأولاد الذين حصلوا بالمقابل على تعويض في أمور أخرى. تحدث الأولاد (الذين أصبحوا بالغين لاحقًا) كيف كان كل شيء مسوحًا به في المنزل وأن الأهل كان يمرون بجانبهم بهدوء. وقال الأهل إن الولد كان يجلس لساعات طويلة مع أصدقائه في الصالون ويلعب ألعاب مقامرة. وكان الأهل يعودون إلى المنزل من العمل ويغلقون الباب على أنفسهم في غرفتهم بينما يقدّمون الأعذار لأنفسهم بأن الطفل كان يلعب ألعاب الكمبيوتر مثل جميع الأطفال. هؤلاء الآباء لم يتمكنوا من وضع حدود واضحة لأولادهم وعلى مر السنين ازداد الوضع سوءًا. ولم يكن أولاد مضطرين للسرقة من أجل الحصول على المال، فقد طلبوا وحصلوا عليه، وغاصوا أكثر في عالم القمار.
قد يبدو أن مرحلة "الاكتشاف" تأتي فجأة ولكن معظم العائلات التي وصلت للعلاج أفادت بأنها كانت تعرف الكثير عن المقامرة قبل ذلك بكثير. ادعى البعض أنهم اعتقدوا بأن الوضع مؤقت وبالتالي كان مستوى القلق منخفضًا نسبيًا. وقالت معظم العائلات إنهم على مر السنين كانوا يحتفظون بمخاوفهم لأنفسهم وأحيانًا لم يشاركوا أفكارهم مع الوالد الآخر.

هل العائلة هنا لا تراهن؟ ألا توجد هنا أنماط تفكير متشابهة بين الأسرة التي تسدد الديون وتغض الطرف عن المقامرة وبين المقامر المنشغل في تلبية احتياجاته الفورية دون أن يفكّر فيما سيحدث إذا اضطر والديه إلى بيع منزلهما ؟ في مرحلة "الاكتشاف" ، حيث تعاني الأسرة من التوتر بسبب الدائنين الذين يطلبون أموالهم ، تستمر العائلات في مواجهة صعوبة وضع حدود واضحة. بموازاة ذلك، "تقامر" الأسرة بأنها إذا سددت الديون فإن الرهانات ستتوقف، ثم تغطي ديونًا أخرى وتظل "تقامر" بأن الأمر سينتهي وهكذا تستمر حتى تصبح معدمة. العائلات التي تدفع ديون أولادها لا تساهم في توقف ابنها عن مرض القمار. لا يوجد مريض مقامر استطاع المثابرة في العلاج إذا كان والداه قد سددا ديونه. يجب على الأهل الذين يأتون للعلاج مع المقامر أن يتعلموا الوقوف في وجهه بحزم والمطالبة باسترداد أموالهم. يمكن إجراء أنواع مختلفة من الترتيبات المالية، ولكن يجب إعادة المبلغ الكبير الذي استثمرته الأسرة في الديون.
يتعلق أحد التعريفات المألوفة لدور الوالدين بمسألة المخاطر : دور الوالدين في تقليل وزيادة المخاطر (كوهين ، 2009) بأن الأولاد الكبار أيضًا يحتاجون إلى سلطة أبوية واضحة.

التقليل المتبادل من خطورة المشكلة:
لا يوجد مقامر لم تعرف أسرته بشكل أو بآخر أنه يقامر. ربما لم يدركوا في المرة الأولى والثانية وحتى الثالثة كيف اختفى المال من المحفظة أو الخزنة ولكن مع مرور الوقت جميعهم يعرفون. تعيش عائلات المقامرين في حالة إنكار لسنوات عديدة حتى يطرق الدائنون بابهم مطالبين بأموالهم، ولكن حتى بعد ذلك تستمر بعض العائلات في التقليل من مدى خطورة المشكلة. وتكون الأعذار من جانب المقامر وأفراد أسرته متنوعة وخلاقة وأحيانًا تكاد تكون سخيفة. الخوف هو الذي يجعل الأسرة بأكملها تتخيل أن الفيل الموجود في الغرفة هو فأر صغير. التقليل المتبادل من خطورة المشكلة يساعد في تطور مرض القمار. الجميع يلعبون اللعبة (بالمعنى الحرفي بالطبع). العائلات لا تتحمل مسؤولياتها ولا تتحقق من إدارة الحسابات، تتخلى عن أموال العائلة ولا تطالب بإجابات حول الإسراف الذي لا يتوقف.

الشعور بالذنب:
قضية الشعور بالذنب ترافقنا جميعًا بشكل أو بآخر. مصطلح "الأمّ الجيّدة بما فيه الكفاية"، صاغه وينيكوت في السبعينيات من القرن الماضي لوصف الأم التي تكيّف نفسها تمامًا مع احتياجات طفلها ، ومع مرور الوقت وفقًا لنمو طفلها ، تلائم نفسها له بشكل أقل (وينيكوت ، 2004).
الآباء الذين يميلون إلى حماية أولادهم أو الآباء المتطفلين، لا يشجعون النمو والتكيّف. نجد جميعًا في بعض الأحيان صعوبة في السماح لأطفالنا بتجربة أمور محبطة ونوفر لهم كل شيء. تتميز أسر المدمنين على القمار بمستويات عالية من الغضب والصراع ومستويات منخفضة من التواصل الواضح والفعال.
في لقاءات مع عائلات المقامرين والمقامر نفسه ، هناك تقسيم واضح إلى مجموعتين رئيسيتين - أفراد الأسرة الذين يشعرون بالذنب تجاه الوضع الحالي وأفراد الأسرة الذين لا يشعرون بأي ذنب على الإطلاق. في أغلب الأحيان، يشعر الوالدان بالذنب تجاه الموقف، بينما لا يشعر الولد بالذنب على الإطلاق.
يلوم الآباء أنفسهم على عدم  انتباههم، على فشلهم في تعليم أولادهم ، وأنهم تغاضوا عما يحدث رغم أنهم رأوا القمار ، وعلى إعطاء أنفسهم الأعذار على مر السنين والعديد من الاتهامات الأخرى. تعاني أسر المقامرين من مشاكل مالية حادة وفقدان الثقة وفقدان الاحترام المتبادل.  بعضهم يعانون من الاكتئاب. الأكاذيب والأسرار التي يعيشها المقامرون تؤثر على الأسرة بأكملها. قد يكون شعور الوالدين بالذنب مصحوبًا بالتفكير غير العقلاني، الغضب، القلق والذعر. من ناحية أخرى، فإن الولد يكون مشغولا بإنكار الذنب ويقدم عشرات الأعذار لذلك - " لم أكن أعرف أن الأمور تسير بهذا الشكل ... لقد توقفت منذ فترة طويلة ... الديون ليست كبيرة كما تعتقدون..." هذا يتعارض تماما مع الفطرة السليمة - فالولد المذنب لا يشعر بالذنب على الإطلاق.
ومع ذلك ، إذا فكرنا في الأسرة كخلية واحدة يجب أن تحافظ على توازنها الداخلي ، فلا يمكن الحفاظ على الاستقرار الداخلي إذا شعر جميع الأطراف بالذنب وسيكون هناك خطر من انهيار الخلية العائلية.  لذلك، كما هو الحال في الطبيعة، من أجل تغيير التوازن دون احداث تفكك، يجب على الوالدين نقل جزء من المسؤولية إلى الولد المقامر. إن نقل المسؤولية سيسمح لهم بتأمل الموقف بطريقة خاضعة للإشراف وعقلانية، ووضع حدود واضحة والحفاظ على استقرار الأسرة.
يجب عدم إعفاء أي شخص من أفراد الأسرة من المسؤولية. يجب أن نسعى لتحمّل المسؤولية، لأنه بدون ذلك لا يمكن أن يحدث أي تغيير.
في البلاد والعالم، قليلة جدا هي الكتابات حول طرق التدخل مع عائلات المقامرين. جمعية "هديرخ" (الطريق) أنشأت نموذجًا فريدًا للتعامل مع المُقامر وعائلته. وتم اختبار مبادئ البرنامج على مدى ثلاث سنوات، واليوم تجمع الطريقة العلاجية بين العلاج الداعم المنفصل للمقامر وفقًا لمبادئ الخطوات الاثنتي عشرة والعلاج المشترك للمقامر وعائلته.
المبدأ التوجيهي للعلاج هو الفصل والاندماج. في المرحلة الأولى، يتلقى المقامر علاجًا فرديًا منفصلًا عن أفراد عائلته بهدف العمل على موضوع الإنكار وإثارة تعاطفه مع ضائقة الأسرة. بالتوازي مع ذلك، لدى العائلة الوقت لتنظيم نفسها والتعافي من حالتها. في المرحلة الثانية، تتم دعوة العائلات إلى علاج مشترك مع المقامر من قبل معالجة عائلية مؤهلة، والذي يتضمن محادثات فردية وورش عمل عائلية (مع المقامر وبدونه). لقد أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في أنماط التواصل بين الأشخاص. الأسرة قادرة على وضع حدود واضحة للمريض، ويزداد مستوى تعاطف المريض مع عائلته ويتحمل مسؤولية أفعاله. معدلات التسرب للمرضى المنخرطين في البرنامج المشترك مع الأسرة منخفضة جدًا بالنسبة لعامة السكان. دمج الأسرة يبعث الأمل، يقلل من معدلات التسرب ويتيح علاجًا بطرق متعددة لقضية الإدمان.

للتلخيص:
إدمان القمار هو إدمان خفي بمعنى أنه لا يوجد له أي مؤشرات جسدية. ويخفي العديد من المقامرين المشكلة لسنوات عديدة، لكنه إدمان مدمّر وصعب للمقامِر وعائلته.
هنالك ثلاثة أمور مركزية يتوجب على عائلات المُقامرين إجراء تغيير جذري، حقيقي ويتحلى بالشجاعة بشأنها:

  • الحدود ثم الحدود ثم الحدود - ... يجب أن يتمتع الوالدان بالسلطة الأبوية وأن يضعا حدودًا واضحة لأطفالهم. ويجب على الآباء الذين يصلون للعلاج مع المقامر أن يتعلموا الوقوف في وجهه بحزم والمطالبة باسترداد أموالهم. يمكن إجراء أنواع مختلفة من الترتيبات المالية ، ولكن المبلغ الكبير الذي استثمرته الأسرة في سد الديون يجب أن يعود لها. كذلك، يحتاج الأولاد الكبار أيضًا إلى سلطة أبوية واضحة.

  • تخلصوا من الانكار -  تعيش عائلات المقامرين في حالة إنكار لسنوات عديدة. العائلات التي لا تتحمل المسؤولية ولا تتحقق من الحسابات وإدارتها ولا تطالب بإجابات حول الإسراف الذي لا يعرف الحدود - تتخلى عن أموال الأسرة وتساعد في تعزيز إدمان القمار.
  • لا للشعور بالذنب، نعم لتحمّل المسؤولية - إن الشعور بالذنب لا يساهم في  إحداث التغيير ويمكن أن يكون مدمرًا للعائلة. ومع ذلك، لا ينبغي رفع المسؤولية عن أي فرد من أفراد الأسرة. يتوجب على الوالدين تحميل نسبة من المسؤولية للولد المقامر ومطالبته بتحمل المسؤولية. بدون تحمل المسؤولية، لا يمكن إحداث تغيير. ومن المهم جدًا فهم دور الأسرة في إدمان القمار.

 الأسرة عامل مهم من شأنه وقف تطور الإدمان. يمكن أن تساعد المعرفة المتعمقة بالأدوار التي يقوم بها أفراد العائلة في التعامل مع المقامر في إنجاح التغيير.